نجاح كبير للملتقى الأول للرياضة والمجتمع المنظم من الجمعية المغربية للصحافة الرياضة
الدعوة لإنشاء مرصد وطني لتوظيف البحث العلمي لخدمة الرياضة
عرض لتجارب إنسانية رائعة وظفت الرياضة لإقصاء الحرمان والهشاشة
دعا المشاركون في الملتقى الأول للرياضة والمجتمع المنعقد الجمعة الماضي بالمركز الدولي للندوات محمد السادس بالصخيرات، إلى إحداث مرصد وطني لتوظيف البحث العلمي من أجل تطوير وهيكلة الرياضة الوطنية.
وخلصت التوصيات التي تمخضت عن هذا الملتقى، المنظم من طرف الجمعية المغربية للصحافة الرياضية، حول الرياضة والمجتمع تحت شعار «الرياضة الوطنية والتنمية السوسيو- اقتصادية والدبلوماسية الموازية» إلى ضرورة اعتماد مقاربة جديدة في التعامل مع الرياضة الوطنية كرافعة من رافعات التنمية المستدامة.
وأشار المنظمون في هذه التوصيات إلى أن المرجعية التي حفزتهم لعقد هذا الملتقى هي الأفكار النيرة والتوجيهات السديدة التي تضمنتها الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في المناظرة الوطنية للرياضة المنعقدة بالصخيرات يومي 24 و25 أكتوبر 2008، وأكدوا على ضرورة رد الإعتبار للرياضة المدرسية والجامعية لكونها تشكل مشتلا ورافدا أساسيا لتطوير الرياضة الوطنية، داعين في هذا الصدد وزارة الشباب والرياضة إلى الإنخراط الفعلي لدعم الأنشطة الرياضية بالمؤسسات التعليمية ولا سيما في الفضاءات الجامعية.
من جهة أخرى، أوصى المشاركون ببذل مزيد من الجهود لتطوير الإقتصاد الرياضي الذي يشكل أيضا رافدا مهما للإقتصاد الإجتماعي والتضامني وإعطاء دفعة قوية للنهوض بالأنشطة ذات المنفعة الإجتماعية والمحدثة لفرص الشغل والتي تسمح ببلوغ مستوى من التمويل الذاتي.
على صعيد آخر، طالب المشاركون بتفعيل الدبلوماسية الموازية من خلال إشراك الوجوه الرياضية البارزة، وتدريس «الديبلوماسية الرياضية» كمادة قائمة الذات بالجامعات المغربية، فضلا عن الدعوة إلى تشكيل لجنة متخصصة دائمة تناط بها مهمة تسويق وتطوير السياحة الرياضية من أجل استقطاب التظاهرات الرياضية وتوفير مقومات نجاحها على كافة المستويات.
وتميزت الجلسة الإفتتاحية لهذا الملتقى بكلمة السيد رشيد الطالبي العلمي وزير الشباب والرياضة تلاها بالنيابة السيد مصطفى أزروال مدير الرياضات بوزارة الشباب والرياضة، والتي نوهت بأهمية تنظيم هذا الملتقى الذي يأتي لإغناء المبادرات والمجهوادت التي يقوم بها مختلف المتدخلون في المجال الرياضي، وجعله في خدمة تطور المجتمع.
وأضاف أن الوزارة بادرت مؤخرا إلى وضع برنامج للتدبير الإقتصادي للبنيات التحتية للقرب، في مقدمتها المراكز السوسيو رياضية للقرب، من أجل تسهيل ولوج جميع الشرائح الاجتماعية، وضمان ممارسة الرياضة لساكنة الأحياء.
كما تميزت هذه الجلسة بكلمة السيد نزار بركة رئيس المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي، أكد خلالها أن ممارسة الرياضة تعد اليوم رافعة قوية لتحقيق الإدماج والتماسك والنهوض بالحركية الاجتماعية.
وتابع أن الرياضة في الواقع تعتبر مدرسة لترسيخ قيم العيش المشترك والتضامن واحترام الذات واحترام الآخر في إطار المنافسة الشريفة، وتحقيق الذات والإندماج في المجتمع وزرع بذور الأمل.
من جهته، أبرز السيد بدر الدين الادريسي، رئيس الجمعية المغربية للصحافة الرياضية، بالمناسبة ذاتها، أن الغاية هي إطلاق مقاربة جديدة في التعامل مع الرياضة الوطنية كرافعة من رافعات التنمية المستدامة، مقاربة يصبح معها العلم بمنطقه الوضعي وأدواته الإبستمولوجية وبحوثه الأكاديمية المتحكم الأول في صناعة وصياغة المنظومات الرياضة وفي تقييم الحصائل وفي رسم معالم المستقبل القريب.
وقال أيضا: «إن ما أملى علينا الدعوة لهذا الملتقى بحمولاته العلمية والأكاديمية ليكون منطلقا جديدا للتفكير في الراهن الرياضي من زاوية علمية بحثة تقوم على القياس والإستدلال والإفتحاص الجيد للقدرات والممكنات، هو ما كنا وما زلنا نؤمن به داخل الجمعية المغربية للصحافة الرياضة، أن هذه الأخيرة مؤسسة لا تحصر نطاق الإشتغال في الدفاع عن حقوق الإعلاميين الرياضيين وتأمين ظروف العمل الإحترافي لهم للرفع من أدائهم المهني، ولكن تتعداه إلى أن تصبح قوة إقتراحية تساهم بفعل الإلتصاق اليومي بالمشهد الرياضي الوطني في اقتراح البدائل والحلول وأيضا في إطلاق كل ممكنات الرياضة الوطنية».
وأشار إلى أن «مجتمع العلم والمعرفة الشغوف بالرياضة والمؤمن بقدرتها على النجاح، قاريا ودوليا، لابد وأن ينزل إلى أرضية الملعب، ليساهم في بناء منظومة اللعب التي تقود إلى النجاح، وإلى الانتصار للكفاءة والعبقرية المغربية».
وثمن الأستاذ سعيد أمزازي رئيس جامعة محمد الخامس بالرباط مثل هذه المبادرات الرامية إلى خلق حوار علمي حول مجالات اشتغال الرياضة، وأكد أن الجامعة المغربية لابد وأن تنخرط في مثل هذه التناظرات لتتحقق لها العلمية الكاملة، وقال أن المغرب بحاجة إلى مفهوم جديد للرياضات الجامعية يستغل الكفاءات البدنية والفكرية للطلاب كما هو الحال بالولايات المتحدة الأمريكية، وانتهى إلى أن جامعة محمد الخامس بالرباط أطلقت أسلاكا للماستر تختص بالتدبير والحكامة في الرياضة.
من جانبه أبرز الأستاذ عماد برقاد رئيس الشركة الوطنية للهندسة السياحية قيمة المحاور التي تناولها الملتقى، مشددا على أن السياحة الرياضة تمثل ثروة كبيرة لابد من الإستثمار فيها، مذكرا بالغنى والتنوع الطبيعي للمغرب والذي يؤهله لأن يكون في مقدمة القبلات السياحية الرياضية في العالم، وقدم أرقاما عن التوقعات المستقبلية التي يجب أن تكون موضوع دراسة عميقة.
ورحب السيد ديديي إيسكارتان المدير العام للمجموعة الفندقية أمفيتريت بالاس، التي استضافت الملتقى بالحضور وبمثل هذه الملتقيات العلمية والرياضية، مؤكدا أن مجموعته تضع الرياضة في طليعة وسائل الإستقطاب للزبناء، وأشار إلى أن المركز الدولي للمؤتمرات محمد السادس بالصخيرات بات بيتا للرياضيين بامتياز، يأوي تناظراتهم ومعسكراتهم ويسهم في تطوير الرياضة الوطنية عبر سلسلة من المبادرات.
وتتوخى الجمعية المغربية للصحافة الرياضية من خلال تنظيم هذا الملتقى بتنسيق مع جامعة محمد الخامس بالرباط والجمعية المغربية للهندسة السياحية وبشراكة مع المجمع الفندقي والسياحي أمفيتريت ومؤسسة رحال، إلى تسليط الضوء على موضوع الرياضة كحق من الحقوق الأساسية للإنسان، وسبل توسيع ممارستها لتشمل كافة شرائح المجتمع، فضلا عن اعتبارها قطاعا اقتصاديا قائم الذات، يمثل حوالي 2 في المائة من الناتج الداخلي الاجمالي في العديد من البلدان المتقدمة.
وتميز الملتقى على الخصوص بجلسات عمل استمرت قرابة خمس ساعات، وأبرزت بعض التجارب الناجحة في المجالات المعنية بالنقاش.
وجاءت الجلسة الأولى غنية في مضامينها، إذ تناولت محور «الرياضة كرافعة للتنمية الإقتصادية» وعرفت مداخلات لكل من حمزة الحجوي رئيس نادي الفتح الرياضي ونائب رئيس جامعة كرة القدم الذي قدم نموذجا للتداعيات الإقتصادية والتنموية لمركز تكوين نادي الفتح الذي افتتح أبوابه قبل فترة وأبرز أيضا الحركية التي تحدثها كرة القدم في الإقتصاد الرياضي العالمي ودعا إلى محاولة الإستباق لجلب المنفعة المادية والإجتماعية للمغرب عن طريق الرياضة، وناصر لارغيت المدير التقني الوطني لجامعة كرة القدم الذي قدم نموذجا للحركية الإقتصادية التي يمكن لمراكز التكوين الجامعية والتابعة للأندية أن تحدثها في كثير من المدن، وكشف مضامين الأهداف المبحوث عنها من قبل الإدارة التقنية الوطنية.
وفي ذات المحور تدخل السيد محمد هاشمي رئيس جامعة الطيران الخفيف الذي قدم عرضا عن تجربة الجامعة والنجاحات التي حققتها بجلب العديد من المؤتمرات والتظاهرات للمغرب، آخرها تنظيم مؤتمر الإتحاد الدولي للطيران الخفيف بمراكش سنة 2019، بعد منافسة قوية مع الولايات المتحدة الإمريكية وكندا.
واختصت الجلسة الثانية بمحور «دور الرياضة في التنمية الإجتماعية» وكان أول المتدخلين عبد الواحد رحال رئيس جمعية منزه الضيافة الذي عرض لتجربة رائدة فيها عمق المواطنة، عندما بادر إلى تحويل منطقة النفايات ولامياه العادمة إلى ملعب رياضي يأتى إليه المئات من الأطفال من الأحياء الفقيرة والمهمشة ليحققوا حلمهم بأن يصبحوا نجوما في كرة القدم، وتفاعل الحضور مع العرض التوثيقي الجميل الذي أعدته المؤسسة، وأثنوا على المباردة واعتبروها نموذجا حيا لما يمكن أن تسهم به المؤسسلا الماوطنة في إنعاش الرياضة وجعلها أداة لإقصاء الهشاشة والحرمان والفقر.
وقدم كل من السيدين يونس صدقي رئيس جمعية ميشليفن ايفران لكرة السلة ومحمد ميسوم رئيس جمعية أطفال المستطيلة، عرضين عن مبادرات أبدعها شغوفون بالرياضة في مناطق نائية في محاولة لبعث حركية داخل أحياء ومداشر مهمشة وفقيرة، مبادرات تنقل شبابا يائسا لمرحلة الحلم والأمل.
الجلسة الثالثة في مجور»الديبلوماسية الموازية» افتتحتها السيدة ليلى أوعشى المديرة العامة لأو إيل كونسيلتين ورئيسة جمعية لاغون الداخلة، التي أبرزت الجوانب الرياضية والديبلوماسية لتنظيم ملتقيات في مناطقنا الجنوبية لاستقطاب العشرات من الأجانب ودعوتهم للإستمتاع بسحر طبيعة المكان وبالأمان والإستقرار والتنمية التي تنعم بها هذه المناطق العزيزة من مغربنا الكبير.
وأسهب فؤاد مسكوت رئيس جامعة المصارعة ورئيس الإتحاد الإفريقي للعبة، في سرد تجربته الشخصية في الفوز بمنصب رفيع داخل القارة الإفريقية، وأيضا داخل الإتحاد الدولي، مؤكدا أن هذه التضحيات غالبا ما تأتي بشكل شخصي، ما بات يفرض مأسسة التواجد المغربي في الهيئات الرياضة الدولية، وتمثل الشروط الضرورية لقيام ديبلوماسية رياضية تحقق المنفعة المزدوجة للمغرب.
وأعقبت الجلسات الثلاث التي أدارها الزميل الإعلامي نوري الغربي بمهنية عالية، نقاشات عميقة، كلها أثنت على الملتقى وعلى جنس التفكير الذي يدعو إليه، وأكدت على ضرورة عقد ملتقيات مماثلة لرفع درجة النقاش العمومي في كل ما له علاقة بالرياضة التي باتت محركا إقتصاديا واجتماعيا.
وكان الزميل نوري الغربي رئيس شركة أطلس للتدبير الرياضي والأستاذة سميرة حمامة مديرة المجمع الرياضي الأمير مولاي عبد الله بالرباط، قد أسهما بشكل كبير مع الجمعية المغربية للصحافة الرياضة في عقد هذا الملتقى الكبير، الذي تمخضت عنه الكثير من التوصيات التي أعدها وتلاها على الحضور الزميل محمد بنشريف مستشار الجمعية المغربية للصحافة الرياضة في الشؤون الخارجية.
وفي ختام هذا الملتقى تلا السيد بدر الدين الإدريسي رئيس الجمعية المغربية للصحافة الرياضية برقية الولاء والإخلاص المرفوعة إلى السدة العالية بالله جلالة الملك محمد السادس حفظه الله.