كلمة رئيس الجمعية في افتتاح الملتقى الأول للرياضة والمجتمع

كلمة رئيس الجمعية في افتتاح الملتقى الأول للرياضة والمجتمع

الفعاليات الرياضة والأكاديمية الحاضرة معنا، أيها الحضور الكريم

إنه لمن دواعي الغبطة والإبتهاج أن نسعد بلقائكم في هذا الفضاء الجميل الذي أصبح بيتا للرياضيين، يأوي تناظراتهم، يسع للقاءاتهم الدراسية، يكون مرتعا لأحلامهم بالغد الجميل، بل وأصبح شاهدا على تحولات تاريخية في مسار الحركة الرياضة الوطنية، وطبعا فإن ما نلتئم حوله اليوم، حلقة حوارية ذات أبعاد ودلالات كثيرة، ترمز أولا إلى ما ظلت الجمعية المغربية للصحافة الرياضية المؤسسة قبل نحو 47 سنة من قبل قيادات إعلامية وطنية شهد لها التاريخ بالغيرة الوطنية،  ما ظلت الجمعية تؤمن به من أدوار يجب أن تلعبها في بناء المنظومات الرياضية الوطنية وفي تخصيب فضاء الحوار والتداول حول الإشكالات الكبرى للرياضة الوطنية، وترمز ثانيا إلى الحركية التي يجب أن يتمتع بها مجتمع الرياضة للدفاع عن حقوق بات يكفلها له الدستور وأيضا لتلعب الرياضة الدور المنوط بها في مسلسل بناء مجتمع ديموقراطي وحداثي.
إن ما أملى علينا الدعوة لهذا الملتقى بحمولاته العلمية والأكاديمية ليكون منطلقا جديدا للتفكير في الراهن الرياضي من زاوية علمية بحثة تقوم على القياس والإستدلال والإفتحاص الجيد للقدرات والممكنات، هو ما كنا وما زلنا نؤمن به داخل الجمعية المغربية للصحافة الرياضة، أن هذه الأخيرة مؤسسة لا تحصر نطاق الإشتغال في الدفاع عن حقوق الإعلاميين الرياضيين وتأمين ظروف العمل الإحترافي لهم للرفع من أدائهم المهني، ولكن تتعداه إلى أن تصبح قوة إقتراحية تساهم بفعل الإلتصاق اليومي بالمشهد الرياضي الوطني في اقتراح البدائل والحلول وأيضا في إطلاق كل ممكنات الرياضة الوطنية.
ولا يسع المجال لأن أعدد أمامكم ما أسهمت به الجمعية المغربية للصحافة الرياضة خلال تاريخ التحولات الكبرى للرياضة الوطنية على امتداد خمسة عقود، إلا أنني أستحضر على سبيل المثال لا الحصر مبادرتنا سنة 2010 بعقد ندوة على درجة كبيرة من الأهمية والتأثير ناقشت بشكل علمي ومسؤول مضامين قانون التربية البدنية والرياضة 30-09، وأيضا انخراطنا مع عدد من الجامعات في حراك وطني مسؤول من أجل دسترة الحق في الرياضة وهو الذي أثمر ولله الحمد بتواجد نوعي لأول مرة للرياضة في صلب الدستور المغربي المحين.
ايها الحضور الكريم
نفس هذه المرتكزات التي يقوم عليها العمل داخل الجمعية هو ما جعلنا لا نتردد في الإنضمام للحلقة التشاورية التي جمعت الأستاذة سميرة حمامة والزميل العزيز نوري الغربي والإخوة داخل المجموعة الفندقية أمفتريت ومؤسسة رحال والتي كان هاجسها المركزي هو تحريك النقاش بخصوص كثير من الأبعاد المغيبة في حواراتنا حول الرياضة الوطنية، ومنها على الخصوص الأبعاد الإقتصادية والسويولوجية والتربوية والديبلوماسية.
وظائف الرياضة في تنمية الوطن، في خلق مناصب للشغل، في تيسير الإندماج الإجتماعي، في محاربة الإقصاء والهشاشة، في نبذ كل مظاهر الإنحراف وهزم كل قوى التخريب والشغب والعنف وفي إسماع صوت المغرب في المحافل الرياضية الدولية.
ومن هذه الحلقة التشاورية، كان الإجماع على عقد ملتقى بهذه الحمولات الفكرية والمعرفية والأبعاد الوطنية والإستراتيجية، الغاية هي أن نطلق مقاربة جديدة في التعامل مع الرياضة الوطنية كرافعة من رافعات التنمية المستدامة، مقاربة يصبح معها العلم بمنطقه الوضعي وأدواته الإبستمولوجية وبحوثه الأكاديمية المتحكم الأول في صناعة وصياغة المنظومات الرياضة وفي تقييم الحصائل وفي رسم معالم المستقبل القريب.
إننا لا ندعي أن هذا الملتقى سيسع لكل الإشكالات الكبرى التي تختص بها الرياضة الوطنية، ولا نجرؤ على القول أنه سيقدم كل ما نحتاجه من إضاءات تنير لنا الطريق، ولكننا بكل تواضع نعتبره أرضية أولى لبناء منظومة النقاش والتداول، نحن مؤمنون بأن الملتقى هو بداية رحلة طويلة لابد وأن نمشيها جميعا من أجل أن يصبح للمغرب رياضة مهيكلة ومنتجة ومعبرة عن ممكناته ومتطابقة التطابق الكامل مع الدينامية التي يعرفها المغرب بفضل الفكر المستنير والمبادرات المباركة لعاهلنا المفدى صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله الذي وصف في رسالته الملكية السامية والتاريخية الموجهة للمناظرة الوطنية حول الرياضة المنعقدة في هذا المكان قبل عشر سنوات، الأمة المغربية بالأمة الشغوفة بالرياضة: «لا تخفى عليكم المكانة التي تحتلها الرياضة بكل أنواعها وفنونها في نفوس المغاربة، وتجذرها في هويتهم الجماعية.
 ذلكم أننا أمة شغوفة بالرياضة، معبأة، بكل جماهيرها لنصرة وتشجيع أبطالها، معتزة أيما إعتزاز بما يحققونه من إنجازات ورفع علم المغرب خفاقا في الملتقيات الدولية.»  إنتهى قول جلالة الملك.
أيها الحضور الكريم
أبدا لن نختلف على أن الله سبحانه وتعالى مثلما أنعم على مغربنا الحبيب بطبيعة خلابة وبجاذبية لا يعرف كنهها وسرها إلا هو جلت قدرته، فقد أنعم عليه برأسمال بشري متمتع بقدرات لا حدود لها على الإبداع، لذا فإن مجتمع العلم والمعرفة الشغوف بالرياضة والمؤمن بقدرتها على النجاح قاريا ودوليا لابد وأن ينزل إلى أرضية الملعب ليساهم في بناء منظومة اللعب التي تقود إلى النجاح وإلى الإنتصار للكفاءة وللعبقرية المغربية التي عبرت عن نفسها كونيا من خلال أيقونات كثيرة يحفل بها تاريخ الرياضة العالمية، ولكن لي اليقين أن كثيرا من مثيل هذه الأيقونات دفنت في التراب إمام بسبب اللامبالاة أو بسبب هواية التدبير أو بسبب ضحالة الإمكانيات، والمؤكد أن ما سيعرض علينا اليوم من تجارب سيقف على كثير من التجارب الجميلة التي تعبر عن التجليات القوية للرياضة في المعيش الوطني ونحثنا على أن ننظر للرياضة بعين أخرى.
وإذ اشكركم أيها السيدات والسادة على تفضلكم بالتواجد معنا في هذه اللحظة التاريخية، أزد أن أشكر كل من تفضلوا بالحضور لتقديم شهادات وسير حية لنجاحات رياضية، والشكر موصول لمن انبثقت عنهم فكرة عقد هذا الملتقى، الأستاذة سميرة حمامة والزميل نوري الغربي والمجمع الفندقي أمفتريت ومؤسسة رجال ولكل شركاء العمل من جامعة محمد الخامس بالرباط والشركة الكغربية للهندسة السياحية ولكل من ساند هذه المبادرة من قريب أو بعيد.
بسم الله الرحمان الرحيم
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
صدق الله العظيم 
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
بدرالدين الإدريسي 
رئيس الجمعية المغربية للصحافة الرياضية
الرباط في: 5 يناير 2018    

 

نشرت في أخبار